السبت، 5 مايو 2018

رياض الريفى .... فى سمادير ليل خريفي :::::بقلم الكاتب محمد دحروج

رياض الريفيّ ... في سمادير ليل خريفيّ 

2

   ( وَفي النَّفسِ مِن أمرِ هَــذِهِ الرّوَايَةِ أشيَاءُ وَأُمُورٌ ، لَعَلِّي أبُثُّهَا إِلَى صَدِيقِنَا صَاحِبِ هَذِهِ الكَلِمَةِ بَعدُ ) .
  كَـانـت هَذهِ هيَ كلمَتِي التِي ودَّعتُ بهَا مَقالَتِي السَّابقَة ، وَهَا أنَا أستغِلُّ هَذِهِ اللحظَة الحَزينَة التِي أحيَاهَا لأُعبِّرَ عَن شيْءٍ يَثورُ بدَاخِلِي وَيُشعِلُ نِيرَانَ كَراهِيَة الحَيَاةِ بِذاتِي وَنفسِي وَعَوَالِمِ وجدَانِي ، لأُعبِّرَ عَن دُنيَا تَقُومُ هَا هُنَا بَـينَ أرجَاءِ حَيَاتي التِي تُحَاولُ جَاهِدَة أن تُبعِدَ الناسَ عَنهَا وَأن تَركَنَ إِلَى العُزلةِ أكثرَ وَأكثرَ مِن بَعدِ أن اعتادَت ذلِكَ وَرَأت أنَّ مشوَارَ العُمُرِ أكبرَ مِن إِضَاعَتِهِ مَعَ بَنِي البَشرِ الذِينَ لا يَعنِيـهم مِنَ الوجُودِ سِوَى قَانونِ العَبَثِ الفِكرِيّ وَالعَقلِيّ والسَّيرِ مَعَ طَرِيقِ الأيـــَّامِ وُفقَ طَبَائِعِ التفكِـيرِ الضَّاربةِ بجُذورِهَا في أعمَاقِ كُنْهِ الحِسِّ البدَائيّ الذِي لا يَنظُرُ إِلاَّ إِلَى لُغةِ المَادَّةِ الحَقِيرةِ التِي لا نَعبَأُ بــهَا إِلاَّ بِالقَدرِ الذِي يُهيـيءُ لَنا أن نتفرَّغَ لِفِكرَةِ الخُلُودِ فَوقَ القِرطَاسِ مِن بَعدِ أن نَفنَى جَمِيعًا وَيَفنَى كُــلُّ مَا يَدُلُّ عَلى أنــَّنا كُــنَّــا هَا هُنَا ذَاتَ يـَومٍ .

   هَا أنا أترُكُ نَفسِي لِنَفسِي ، لأكتُبُ بَعضَ مَا يُشعِلُ بِأوقَاتي نِيرانَ الضِّيقِ وَالغَضَبِ وَالسَّأمِ وَالنُّــفُور وَالثورَةِ .

   إِنَّ مِن عَادَاتي السَّــيِّـئةِ التِي أعرِفُهَا أننِي مُولَعٌ بِإِيـــلامِ مَشَاعِري وَجَلْدِهَا مِن دُون ذنبٍ كُــلَّمَـا تـفَـكَّــرتُ فـي حَقِيقَة تَارِيخِي الذِي عِشتُهُ فَوقَ هَذِهِ الأرضِ وَإِن كَــانَت الأوقَـاتُ الآنِـيَّــة لا تــُسَــوِّغُ ذلِكَ وَلا تُمـهِّـدُ لَهُ .

   إِني لأكرَهُ هَذِهِ الرّوايَـة لأنـهَـا تُعــبِّرُ عنِّي ، وَأنا أكرَهُ كُــلَّ تَفَاصِيلِ حَيَاتي ، نَعَم أنَا أكرَهُهَا ؛ لأننِي أكرَهُ رحلَة مَا أرَدتـُـها ، وَحَقِيقَة لَم تُبنَ عَلَى أرضِ هَـذَا الوَاقِعِ إِلاَّ مِن بَعدِ أن تَهشَّمَت أجزَاءُ رُوحِي وَتَبَعثرَت عَلَى طُرُقَاتِ الحَسرَةِ التِي بَاتَت سَاكِنة بِفُوادِي مُقِيمَة لا تُغَادِرُ وَلا تَبرَحُ .
   إِني كُتَبتُ ذَاتَ مَرَّةٍ أقُولُ : إِننِي لا أزَالُ أحيَا بِعَامِ 1987 يَومَ كُنتُ طِفلاً صَغِيرًا لا يَعرِفُ مِن هَذَا الكَونِ سِوَى اللَّيلِ وَالنُّجُومِ وَالقَمَرِ وَسَمَاءِ هَذِهِ الدُّنيَا ، لا أزَالُ هُنَاكَ لأني أكرَهُ كُــلَّ مَا قَـد أتــَى بَعدَ ذَلِكَ ؛ فَلا أعترِفُ بِهِ إِلاَّ حِينَمَا أُبصرُ هَؤلاءِ الَّذِينَ يُثنُونَ عَلَى تَارِيخٍ أدَبيٍّ صَنَعتُهُ ، فَأنا أبسُمُ يَومَئِذٍ لا لأننِي فَرِحٌ بِهِ وَإِنَّمَا لأنهُ يَجِبُ أن أُقابِلَ مِثلَ هَذَا الثنَاءِ بِشُكرِهِ ؛ وَإِلاَّ فَإِني مَا تَمَنَّيتُ أن أُغادِرَ تَارِيخِي القَدِيم .
   وَمِن أعجَبِ العَجَبِ أن تَجِدَ إِنسَانـًا أبغَضَ الحَيَاةَ وَهِيَ تَستَقبِلُهُ بِكُـلِّ خَيرٍ ، وَمَن تَأمَّــلَ وَقَفَ عَلَى السِّـرِّ الذِي جَعَلَ لِلسَّطرِ  وجدَانــًا صَادِقـًا ، فَبَعضُ النَّاسِ أدمَنَ الحُزنَ فَهُوَ يُبصِرُهُ فـي قَلبِ سَاعَاتِ الفَرَح .

وللحديث صلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق